أنا والفلك ..أهـو فطرة ؟ أم دراسة ؟ أم خليط بينهما ؟
المصير الإنساني من خلال: خطوط الكف..الأسماء..الأرقام..تاريخ الميلاد بدأ اهتمامي بالفلك وكيف تنامت قدراتي وعرفوا بدايات إتصالي بالفلك حين أشرت إلى أنني كنت في بدايات نضجي أعير اهتماما كبيرا لعلم الفلك والنجوم وتأثيرها على الانسان، وكيف أن ايقاع حياة الانسان يمضي في طريق متواز مع تأثير النجوم ...
كما شغلتني أيضا دراسات تتعلق بأكثر من ثلاثة عوامل في توازن الكون (العوامل المادية والنفسية والفكرية) وفيما بعد كرست نفسي لدراسة "السنوات الحية" التي تنقسم الى دورات، كل منها تشمل 644 يوما.
توسّعت معارفي في هذا المجال بمساعدة جداول وتعليمات مرفقة بهذه الكتب القديمة، والى جانب ذلك اندمجت بممارسة الروحانيات والتوقعات.
بدأت بقراءة الطالع، وكنت معتادا عليها منذ الطفولة المبكرة، وبمساعدة كتب تعليمية قديمة، اكتسبت تعمقا وبصيرة داخل أسرار هذه القراءة، وفي الحقيقة فان كل انسان قادر على قراءة الطالع بشرط أن تكون لديه قدرة على الحس الزائد.
فالجسم والروح يشكلان وحدة متكاملة، وبمجرد اكتشافي لظاهرة الحس المتزايد لدي، والتي واجهتها منذ طفولتي، لم أتمكن من التوقف في البحث عن (الحقيقة العليا). كانت أفكاري تتركز على هذا الموضوع، فتوصلت الى استنتاج لايصدق:
فاللاوعي عندي هو اقتناع من ذاته بالحكمة وبتجارب الآخرين ... وعلى كل حال، فان البصيرة هي ليست باللاوعي الذاتي الموجود لدي، ولكنه بكل الموجود عند الآخرين.
اذ يقوم اللاوعي عندنا دائما، بخلق عوامل مفيدة في تقرير مستقبلنا .. لكن صوتنا الداخلي يتم اسكاته عادة بالعقل. وهو شيء يبعث على الأسى، فاللاوعي أرفع مقاما من الوعي، من ناحية حساسيته والمجالات التي يغطيها.
قمت بفتح كياني تماما محاولا أن أتبين سر تحضير الأرواح. وعبر دورات الاستغاثة واستحضار ارواح، والالهام جزئيا من الكتب القديمة، أصبحت مدركا للخاصية العليا المكانية للروح، فهي غير مقيدة بأي تخطيط مكاني قاس .. اذ تصعد الروح الى خالقها بعد فناء الجسم، وتستمر قوتنا الروحية على البقاء وهي محتفظة بكل تجاربها ومعرفتها وذاكرتها.
وعلى هذا الأساس بدأت بتنمية شعوري الذي يستقبل العالم الروحاني السامي الخلاب. ولجأت في هذه العملية الى اللاوعي الداخلي، واستعملته كنوع من هوائي استقبال.
ان العناية بالآخرين هي جزء من القدرة على فهم اللاوعي، وهكذا توصلت أخيرا الى هدفي، وأصبحت قادرا على معرفة وتحليل نفسي والآخرين .. كما توصلت الى ملاحظة هامة اخرى، وهي أن الله معي.
وأحسست أني وضعت لنفسي الخطط الكبرى لمسيرتي الفلكية وأن الوقت قد حان لكي أخدم الناس بقدراتي، وبدأت الأنظار تتجه إلي باعتباري "فلكي بغداد" .وبعد ممارسات ومعاناة متواصلة وجهود دائبة اكتسبت سمعتي كعالم فلكي وروحاني وذي بصيرة ثاقبة تريني آفاق المستقبل وخباياه. وبدأت شهرتي تتسع الى خارج العراق، وينشد الناس مساعدتي من كل البلاد العربية، وهم يستشيرونني ، أو يرغبون إلـي ّ في حلّ مشاكلهم من خلال أعمالي الفلكية.
افتتحت مكتبا في بغداد لمساعدة الناس عن طريق قدراتي، فقبض علي رجال الآمن في بغداد لأني أمارس عملا غير مسموح به وهو التنجيم وعلم الفلك . وأودعوني السجن لثلاثة أشهر، بتهمة احتراف التنجيم .
كانت الشهور الثلاثة التي قضيتها في السجن من بين الذكريات الحزينة في حياتي .. فقد لوث الحراس كافة القيم الانسانية، وارادوا تدمير قوتي كعالم فلكي .. ولكنهم لم ينجحوا في تدميري، وتركت السجن وأنا مستلـّح بارادة قوية لاتتحطم.
ولحسن الحظ فقد كان بامكان عائلتي ارسالي الى صوفيا، عاصمة بلغاريا لغرض العلاج .. وهناك بدأت تندمل بالتدريج الآثار الخطيرة التي خلفتها فترات السجون التي قضيتها في الكويت وبغداد.
قضيت بعض الوقت في مستشفى بصوفيا، وكانت فرص شفائي جيدة، وسرعان ماأصبحت قادرا علىالوقوف وبدأت أخرج الى الشوارع.
وفي احدى الامسيات، وبينما كنت أتنزه بمفردي، فوجئت بمشاهدة كنيسة ضخمة ورائعة، فوقفت أمامها وأنا مرتبك، غير قادر على الكلام .. فهي نفس الكنيسة التي رأيتها في منامي من قبل .. ودخلتها وأنا غير قادر على التفوة بكلمة واحدة .. ثم ركعت وصليت .. وشكرت الله من أعماق قلبي الباكي دون توقف ..فقد منحني الله قوة على العيش رغم كل ماأصابني من أحداث فظيعة، كما منحني حياة جديدة.
وبعد فترة قليلة وقفت، جففت دموعي، وكنت قد اتخذت قرارا بالاستمرار على مساعدة رفقائي في الانسانية، من خلال موهبتي ومقدرتي .. رغم الحملات المضادة علي في الصحف. كان ذلك هو الوقت الذي أدركت فيه تماما قوتي الروحية الهائلة، وأصبحت لدي رغبة شديدة في انقاذ البشرية عن طريق استخدام قدراتي الروحية والفلكية.
كثيرون هم الذين لا يرون في الفلك علما ويرونه مجرد أوهام، وكثيرون جدا هم أولئك الذين يرون الفلك علما قائما بحد ذاته وله قواعد وأسس ووسائل لإستخدامه. ولكل ٍ من إولئك حججه ورأيه. ولكن القضية ليست مجرد قبول أو رفض فهي مسألة منطقية وترتبط ارتباطا جذريا بالواقع الإنساني من جهة وبالمعرفة الإنسانية من جهة أخرى.
ليست كل الظواهر الكونية مفسرة ولم يتوصل العقل البشري حتى اليوم إلى معرفة كـمّ ٍ هائل من القضايا ليست فقط تلك المتعلقة بالكون وخفاياه وبالموجودات التي تبعد عن أرضنا ملايين الساعات الضوئية .و العقل البشري والعلوم المتيسرة لم تستطع حتى اليوم إكتشاف كثير من خفايا النفس الإنسانية وخباياها ولا يعرف العلماء حتى الآن مثلا كيف تتشكل المعرفة داخل خلايا الدماغ البشري وكيف هي ميكانيكية النوم أو الأحلام بل ويجهلون حتى أسباب بعض الأمراض وعلاجاتها.والنظريات وأطروحات التحليل النفسي تتفاوت فيما بينها تفاوتا كبيرا من فرويد إلى يونغ ومن نظريات السلوكيين إلى نظرية الغشتالت فما تزال خفايا النفس الإنسانية غامضة وما يزال الإنسان لا يعرف من هو.
كيف يستطيع الإنسان اكتشاف نفسه ومعرفتها ؟
من هذه البداية تماما حاول اكتشاف المجهول ومعرفة مستقبله ومصيرة وما يخبئه له القدر، و كان أول تحليل فلكي عرفته البشرية هو ذلك الذي عثر عليه علماء التنقيب الآثاري في بابل حين وجدوا رُقما طينيا كتب فيه الفلكي البابلي تحليلا لبرج طفل حديث الولادة. و خبراء التاريخ القديم وعلماؤه كتبوا الكثيرعمّـا اكتشفوه من معرفة البابليين بالفلك واكتشافهم الكواكب السبعة وبنائهم حساباتهم الشهرية على ما عرفوه آنذاك وحسبوا الساعات والدقائق واخترعوا النظام الستيني في التوقيت ..و..و.. وكل ذلك مرتبط بالفلك وبتأثير الكواكب السماوية على البشر في الأرض ارتباطا كاملا.
لسنا وحدنا في هذا الكون العظيم الذي لا نعرف حدوده ولا أبعاده . تلك مسألة منطقية بكل تأكيد . ترى لماذا نكون نحن البشر المخلوقات الوحيدة في الكون الهائل وكلنا يعرف أن الأديان السماوية تحدذت عن مخلوقات أخرى غيرنا فتحدثت عن الجن وغير الجن و الرُقـُم الطينية البابلية والمصرية والفينيقية والمكتشفة في أمريكا اللاتينية وآسيا تحدثت عن مخلوقات أخرى غيرنا في هذا الكون وها هم العلماء اليوم يطلقون مركبات كونية تجوب الفضاء بحثا عن مصادر الحياة في مواقع أخرى من الكون. هم يبحثون عن الماء الذي نراه نحن أهل الأرض مصدر الحياة و يريدون اكتشافه في الكواكب القريبة منـا نسبيا ضمن دائرة مجموعتنا الشمسية التي يعرفونها ولكن لم يستطع أحد حتى اليوم أن يأتي بالدليل القاطع على خلو العوالم الأخرى من الحياة خارج عالمنا الشمسي والعوالم الشمسية التي يحاولون اكتشافها.
والمنطق العقلي يقول إن الإنسان لا يمكن أن يكون وحده في هذا الكون الهائل في حجمه وزمانه.
أريد أن أقول إن العلماء والناس العاديين أيضا يعرفون كيف يكون مـدّ البحر في أعلاه حين يكون القمر بدرا ، ويكون الجزر في أدناه حين يكون القمر في المحاق.. القمر يجذب البحار عالية في مـدّها حين نراه في اكتمال صورته ، أي حين يكون بدرا، وجذبه البحار قليل ضعيف حين لا نراه إذ يكون في المحاق..
ما دام القمر مؤثرا على المياه فلماذا لا تؤثر مواقعه على السلوك البشري؟
وإذا كان لإنفجارات الشمس تأثير على الموجات الراديوية في الأرض يصل حد التشويش على الموجات القصيرة والبالغة القصر والبنفسجية وغيرها فلماذا لا يكون لها تأثير على البشر في هذه الناحية أو تلك ؟
وإذا كنا لا نستطيع اليوم إثبات كل هذا فلماذا ننكره ولا ننتظر المستقبل واكتشافاته ؟ ألم يعتقد الناس، والعلماء معهم ، قبل قرون أن الأرض ، مسطحة ثم ثبت أنها كروية؟ ألم يعتقدوا أن الأرض ثابتة وأن الشمس هي التي تدور وثبت العكس كما نـعرف وندري تماما ؟
وهاهي المركبات الكونية التي انطلقت قبل خمسة عشر عاما ما تزال مسرعة في الكون الهائل العجيب وتزود العلماء على الأرض بالصور والمعلومات كل لحظة.أين نهايتها ؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتوغل في الكون ؟ وماذا يخبئ لنا العلم من مفاجئات هي واقع ولكننا نجهله ؟
إن علم الفلك عالم واسع سعة الكون ولا نعرف عنه إلا القليل وهناك دارسون وباحثون في خفاياه تماما مثلما يبحث آخرون في علوم أخرى غيره. فهل تهيّأ لي أن أدرس هذا العلم وأبحث فيه؟
لقد بهرني الكون وبهرتني خفايا النفس الإنسانية فقرأت الكثير عن ذلك وتحصلت لدي ثقافة فلكية واسعة ولكن الدراسة الفلكية لا تكفي وحدها. هناك الفطرة وأنا واحد من الذين أنعم الله تعالى عليهم بفطرة وبصيرة فكنت أحس بقلبي وفي تضاعيف خيالي أمورا لا تبدو لغيري وكنت أرى حوادث وكوارث قبل وقوعها ، والذين قرأوا الأجزاء السابقة من مذكراتي يذكرون أني عرضـت نماذج من حوادث ووقائع ، وتحدثت عن بداياتي الأولى في الفلك وهنا أريد أن أؤكد للقارئ أني تعلمت أصول الفلك ودرست كثيرا مما يتعلق به ولكن ذلك كله كان قليلا بقدر تعلق الأمر بالفطرة فالفلك ، شأن كل علم يحتاج إلى فطرة أولا ثم الدراسة ثانيا.
لا يمكن لمن لا يملك فطرة في الشعر ان يكون شاعرا ولا لمن لا يملك فطرة في الفيزياء أن يكون فيزياويا ولا لمن لا يملك فطرة رياصية حسابية أن يكون عالما في الرياضيات . الفطرة ، أو سمـّهـا الموهبة ، هي الأولى في البراعة والتميـّز ثم صقل تلك الموهبة وتوسيع رقعتهــا عن طريق الدراسة والبحث والتحصيل فيما بعد.
- (2) -
كيف يتأثر البشر بهذه الكواكب رغم ملايين الأميال التي تفصلها عنّا ، نحن سكّان الأرض؟
لعل من الممكن أن نلتمس الجواب في بعض جوانبه في علم الفيزياء فعلماء الفيزياء يخبروننا أن العامل الذي يسيطر على حركة هذه الكواكب السيارة هو الجاذبية وهناك قوانين في الجاذبية تفسر لنا ، مثلا ، لماذا لا تصطدم الأرض بالقمر ولماذا لا تنسكب مياه المحيطات في الفضاء والأرض تدور ولماذا يبقى المشتري أو عطارد في مدارهما ضمن المجموعة الشمسية ولا يصطدمان ببعضهما أو بالشمس أو بكوكب آخر في منظومتنا الشمسية.
وإذا كانت قوانين الجاذبية ونظريات علمائها صحيحة ، وهي صحيحة بكل تأكيد ، فلماذا لا يكون لهذه القوة غير المنظورة والتي نسميها الجاذبية تأثير على البشر بشكل أو بآخر ؟
نحن جزء من عالم متحرك متكامل ومن هنا فنحن متأثرون سلبا أو إيجابيا بما يدور حولنا.وهذة الماكنة الكونية الضخمة تتحرك أجزاؤها وتعمل وفق قوانين متناسقة ولأننا جزء منها فنحن نتحرك وفق قوانينها وحسب ما تمليه علينا اشتراطاتها.
يتعكر مزاجنا حين تهب العواصف رملية أو ثلجية وتغيم سماؤنا الداخلية ونكون بائسين حين تكفهرّ السماء ونهرب إلى بيوتنا هلعا ونخاف حين يكون زلزال أو يثور بركان أو تفيض أنهار وبحار...
أمزجتنا مرتبطة بغضب الأرض أو خوف السماء وما ينزل منها أو يكون تحت قبّتها...
ونستمع إلى الإذاعات فيزعجنا انقطاع البث أو التشويش الذي يعكر علينا صفو استماعنا ولا نفاجأ حين تعتذر محطات الإذاعة عن ذلك بأن السبب عاصفة وا انفجارات شوشت الذبذبات فاختلطت واختلط الحابل بالنابل...
أين العواصف تلك ؟
على سطح الشمس!!
آلاف الملايين من الأميال وجدّتنا العزيزة ، شمسنا، تفسد علينا متعة الإستماع إلى برامج إذاعتنا التي نحبها...
أوضاعنا النفسية تتقلب وتنقلب أحيانا بفعل لا علاقة له بدواخلنا ولا يرتبط بنا بشكل مباشر لكنها مرتبطة بقوى خارجية كما ارتبطت أرضنا بقوة خارجية فكان المدّ الأعظم والجزر الأدنى وكانت الزلازل والعواصف والبراكين.
ما دام الأمر كذلك فلماذا نعجب إذن من تأثير الكواكب علينا ، نحن البشر ؟ لماذا يستغرب أحد من تدخّل الشمس وعطارد والزهرة والقمر والمشتري وأورانوس والمريخ في حياتنا وتشكيل شخصياتنا؟..
ونظرة عاجلة إلى تأثيرات الكواكب تعطيكم فكرة عامّة عن تأثير كل كوكب على حدة فإذا قيل لأحدنا أنه من برج الأسد فإنه واقع تحت تأثير الشمس وإن كان مولودا في برج العقرب فهو مولود تحت تأثير كوكب المريخ وهكذا...
ماذا تعطينا هذه الكواكب ؟
الشمس : تأثيرها على الصحة والنشاط وقوة الارادة، وبذلك نكون أكثر فاعلية وابداعا. والمولودون تحت تأثير هذا الكوكب محاربون أشداء ويتحدون الصعوبات.
القمر : يؤثر القمر على الأمزجة والمشاعر بصورة عامة، الا أن تأثيره لاشعوري في معظم الأحيان،لكن الواقعين تحت تأثيره حالمون حساسون سريعا الغضب سريعا الرضى.
عطارد : يؤثر مداره علىالفكر والحركة، وبذلك تصبح لكم رغبة في السفر وفي كتابة الرسائل والتحدث علىالهاتف، واجراء الاتصالات مع الآخرين بصورة عامة.
الزهرة : كوكب الشفافية و السعادة التي تجلبها الحياة الاجتماعية و ملهب مشاعر الحب ويبرز مدار الزهرة كذلك جانب المرح في الشخصية حتى للذين هم من الأبراج النارية
المريخ : كوكب القوة والسيطرة وإمساك الأمور بحزم والمولودون تحت تأثيره لهم قدرة على مواجهة المصاعب والتغلب عليها.
المشتري : كوكب الأسفار والتحولات وعدم الإستقرار لكنه كوكب الثقة بالنفس والتي قد تدفع نحو الغرور.
زحل : المولودون تحت تأثيره يصابون بالكآبة غالبا وينتابهم اليأس بسرعة وقد تتقلب حياتهم بين سعادة وشقاء بسرعة وربما كانوا أكثر اعتمادا على غيرهم في أمورهم الخاصة.
اورانوس : المولودون تحت تأثيره قد يفقدون السيطرة على تصرفاتهم أحيانا ولا يعرفون اتجاهاتهم الصحيحة وقد يكون زواجهم فاشل بسبب الحيرة أو بسبب مفاجئات غير متوقعة.
نبتون : إن كنتم مولودين تحت تأثيره فقد يؤثر عليكم بما تؤمنون به وبموقعكم من الحياة. وقد تشعرون بالضياع، وذلك نتيجة لتشتت شعوركم واحاطتكم بمخاوف غير منطقية.
بلوتو : قد يكون تأثير الكوكب بلوتو هدّاما وبنّاء في الوقت ذاته. فهو يقضي على المفاهيم القديمة والبالية في حياة المولودين تحت تأثيره بخلق مفاهيم جديدة تكون عادة أفضل بكثير من سابقتها.
وثمة شيء آخر.. فليست تأثيرات هذه الكواكب محصورة بالمولودين تحت تأثيرها حين كانت في موقع معين من دائرة الأبراج ولكنها تؤثر على كل الأبراج في تغير مواقعها. أي حين تكون الزهرة في برج الأسد مثلا فإن مواليد الأسد يكونون في وضع جيد من ناحية العاطفة والزواج والعلاقات العامة والخاصة رغم أن الكوكب المسيطر على الأسد ليس الزهرة ولكن الشمس. ومثل ذلك حين يكون كوكب المريخ في برج العذراء مثلا فهو يعطي مواليد العذراء قوة غير عادية وقد يرتكبون أخطاء كبيرة بسبب التغيير المفاجء الذي يحدثه المريخ في حياتهم. وهكذا يكون لكل كوكب تأثير على المولودين ضمن تأثير كوكب غيره.
أنا أرى الأحداث الجسام والصغار ببصيرتي ولا أرى الغيب فالغيب مجهول ولا يحيط به غير الخالق سبحانه وتعالى ولكن البصيرة هي النعمة التي أنعم الله بها عليّ وأنعم بها على غيري من خلقه ، وهم قليل على أية حال.
- (3) -
في فلسفة اليونان وفي الفكر العربي من بعده ثوابت لنطية الفكر وقواعد التعامل مع الحياة ضمن الأطر المنطقية وأحيانا ضمن السياق العلمي المعروف في أوقات تلك الحضارات. وكان الأساس الأول للفكر الإنساني على مدى المساحات الزمنثة البعيدة هو البحث عن الحقيقة وأولى خطوات البحث عن الحقيقة هي معرفة الإنسان لنفسه فكانت الصرخة الأولى ( إعرف نفسك ) إشارة إلى البحث عن جواب السؤال الضخم في مشهد الحياة الكبير..
سأله المفكر اليوناني وسأله الفيلسوف العربي وسأله الذين جاؤا من بعدهم في توالي العصور وتواتر الزمان.
إعرف نفسك .. وكان السؤال ، وكانت البداية ، ولكن الجواب ما يزال بعيدا وما يزال الإنسان دائرا في دوامات من الحدس والتخمين والمحاجـّة بحثا عن الجواب حتى اليوم.
كان الفلك والبحث الروحاني وسيلتين أو طريقين للوصول إلى كشف غوامض الإنسان وكشف مجاهل نفسه بحثا عن السعادة وأملا في تخفيف المعاناة والصعوبات في طريق الحياة الأنسانية ولأني واحد من أولئك الباحثين عن الحقيقة والسائرين في مجاهل محاولات إكتشاف الإنسان فقد كانت لي وسائلي لإكتشاف الجواب أو في الحقيقة للإقتراب من الجواب.
كيف نفترب من الجواب ؟
كيف تشكـّل الفروق الفردية بين الناس ملامح الشخصية وحدودها ؟
هل ثمة دلالات وعلامات ترشدنا إلى معرفة الناس والتمييز بين هذا وذاك ضمن سمات الفروق الفردية ؟
من حلال البحوث الفلكية والبحوث الروحانية تهـيـّأت معرفة جوانب كثيرة من خفايا المستقبل ومعرفة ما ينتظرنا من سعادة أو شقاء ومن ظروف جيدة أو ظروف سيئة وعرفنا أن هناك دلائل تشير إلى كل ذلك .
ما هي تلك الدلائل ؟
ضمن الدراسات الفلكية والروحانية نجد اهتمام المختصين بأمور معينة للكشف ، أو بالأحرى ، لمحاولة الكشف عن المستقبل وتحديد معالم الطريق لكل واحد منـّا وقد وجدت بعد بحث مستمر في سمات تلك الدلالات أن من الممكن أن أقسـّمـها إلى ثلاثة أطـر محدودة:
فهناك أولا دلائل مخلوقة لا تزول من أصحابها إلاّ بالموت وهي الدلائل الجسدية المتمثلة بخطوط الكف.
وهناك الدلائل المصاحبة وهي المتمثلة بإسم الفرد ثانيا.
أما الدلائل الأخرى التي يتمثـّل بها الإطار الثالث فقد وضعتها في موقع واحد وسميتها الدلائل الإشارية وهي الأرقام وتاريخ الميلاد.
كل واحدة من تلك الدلائل تشير إلى معلم من معالم مصير صاحبها فخطوط الكف لا تزول إلا بموت صاحب الكف فهي خارطة حياة كاملة نعرف من خلالها العمر التقريبي لصاحبها ونتعرف على ما ينتظره في فترات معينة من حياته وتشير إلى حوادث وتغييرات في مستقبله البعيد أو القريب وإن كان محظوظا في زواج أو مال أو صحـة أو غير ذلك من أمور الحياة وتفاصيلها العامة.
واسم الفرد الذي سميته الدلائل المصاحبة يعطينا مؤشرات عامة تتعلق بصاحبه. قد يبدو أن صاحب الإسم لم يختره هو ولإنما اختاره له غيره فكيف يتحدد مصير إنسان بسبب شيئ ليس له علاقة باختياره ولا هو من صنعه؟
ويبدو الإعتراض منطقيا لأول وهلة ولكن سرعان ما بنهار متى علمنا أن كل المؤشرات التي صنـّفتها ليست من صنع صاحبها فهو لم يختر شكل خطوط كفه ولم يختر يوم ميلاده وليست له إرادة في تشكيل الأرفام أيضا. وهكذا فإن كل تلك المؤشرات إنما هي مؤشرات ثابتة سواء أكانت مخلوقة كخطوط الكف أو مصاحبة كالإسم أو إشارية كتاريخ الميلاد والأرقام التي ترتبط بكل من الإسم وتاريخ الميلاد.
ولأنني فلكي محترف ولي دراسات في كل زاوية من زوايا العلوم الفلكية والروحانية فإنني أفخر بما اكتشفت من وسائل تحليل خطوط الكف ودلائل الأسماء وارتباط الأرقام بها و بيوم الميلاد اشهر والسنة مما يعطيني صورة واضحة عن كل فرد ووضع خارطة مفصلة لحياته وما هو مرسوم له في طيات القدر اعتمادا على تلك الدلائل أولا وآخرا وليس رجما بالغيب أو إدعاء معرفته .
- (4) -
هكذا أحلم...
من ذبالة شمعة صغيرة إلى نور الفيض
لا أدري إن كان الألم بداية الطريق أم هو النهاية والمحطة الأخيرة لتحقيق الحلم ولكن الذي أدريه تماما أن الألم الشخصي والمعاناة الخاصة والإحساس بالحاجة إلى قوة أكبر من القوّة التي ندركها بحواسنا الخمس هي الخطوات الأولى في الطريق الطويلة والشاقة نحو تحقيق الحلم الإنساني بعالم عادل خال من الإستغلال ومن المرض ومن كل أنواع القسوة.
عانيت من الألم بأشكال متعددة ومررت بظروف عرفها القارئ وجال في ثناياها وأنا آمل أن يكون قد اقترب ، قليلا أو كثيرا ، من رؤية صورتي الحقيقية وعرف شخصيتي وأبعادها وأعطاني من حبّه ما أريده وما أسعى إليه.
من هذه المعاناة ومن عمق الوحشة القاتلة في عوالم المرض والقسوة والحرمان بدأت الصورة الرائعة لحلم شخصي عاش معي منذ خرجت من عالم الغضب والحيرة والضياع وبدأت مسيرة البحث عن الحقيقة التي وجدت خيوطها الأولى في الإنسان .
حلمي الذي بدأ يتسّع ويكبر هو أن تكون لدي الوسائل التي تعين المريض الذي لا يملك القدرة المادية على أن أوفّر له وسيلة العلاج مما يعانيه وكذلك المريض الذي لا يجد في بلده الوسائل الفنية أو اليد الخبيرة في اجتثاث مرضه..
حلم واسع سعة القلب الذي آمل أن يسع كل من أحبهم من أي مكان وأي جنس وأي دين أو معتقد ..
حلم أن أكون قادرا على شفاء كل أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الشفاء.
فماذا أريد؟
أريد أن يكون لي مستشفى ليس كغيره من المستشفيات في أي مكان فالمستشفى مكان فيه كل شيء يريده الجراح الماهر ليده الذكية ومكان للأخصائي في هذا الحقل الطبي أو ذاك وهو مكان للتأهيل البدني والنفسي. . هو مكان يدخله المريض الذي كل أمله أن يخرج منه معافى وفي صحة وراحة..هوكذلك في صورة مصغرة أو كبيرة ، تبعا لأسباب كثيرة ، عالم مادي فكل الذي فيه آلات وأجهزة ومعدات لخدمة المريض وتسهيل أو تعجيل شفائه قدر ما يستطاع.
حلمي ليس هذا، او على الأدقّ ليس هذا وحده. فماذا أريد ؟ بماذا أحلم ؟
في زاوية من هذا المستشفى مكان ليس فيه أجهزة المراقبة الصحية ولا أجهزة قياس القلب وضغط الدم وفحص الرئة والكلية والكبد والمعدة وما في جسد الإنسان من أعضاء.
مكان ليس فيح جرّاح ولا أخصائي ولا ممرضات ولا أطباء ولا أسرّة ولا مختبرات.
مكان ليس فيه ضمادات جروح ولا جبر كسور ولا أخذ دم أو تزويد جسم به ولا أشياء قريبة من كل ذلك أو بعيدة.
مكان فيه وسائل الشفاء ليست كتلك الوسائل في الطرف الآخر من هذا الفضاء الواسع الذي أحلم به.
في الطرف الآخر ينتصب البناء الصحي الذي أحلم به بكل ما فيه من وسائل الشفاء المادية كما قلت أمّ في هذا الجزء الصغير فينتصب بناء صغير في مساحته ولكنه هائل ضخم ضخامة الأرض في قوّته وقدراته وطاقته.
هو معبدي الذي فيه شموعي وأوراقي وتعلو أو تهمس فيه طقوسي وتتردد بين الجدران الصامته كلماتي بكل عظمتها التي تنطلق إلى الملأ الأعلى حانية خاشعة بابتهال القلب الخاشع الصغير.
حلمي أن يأتي المريض إلى هذه الصومعة الصغيرة التي تشمخ بحجمها المادي الصغير وبسعتها الروحية الضخمة في زاوية قصيّة من هذا المستشفى الكبير ويشركني الدعاء والسير في طريق المحبة والصفاء نحو عالم الروح الذي يعجّل في شفائه ويسارع الزمن ويستعجله في عودته إلى عالم الصحة والسعادة.
حلمي أن تكون لي بقعة واسعة من الأرض لعلاج كل من يحتاج العلاج ويسعى إليه وفيه أكابر الأخصائيين وأوسعهم علما وتجربة ومعرفة في كل حقل من حقول الطب والجراحة والتأهيل والعلاج وفي زاوية من تلك الأرض الواسعة الرحبة يكون معبدي يدخله الساعون للشفاء أو لاستكماله عن طريق عالم الروح النقي الجميل.
حلمي أن يكون لي ذلك وحين تأزف ساعة رحيلي عن عالم الصخب والضجيج إلى عالم الملكوت الأعلى الرائع النقي الذي لا تحدّه حدود سأجدني في رحاب الفيض الروحي الذي لا يفنى ولا يتجدد ولكنه الأزل والأبد الذي لا زمان له وليس في الأبعاد بعد ولا حدود.
في هذه الصومعة التي عشت فيها جسدا أريد أن أكون فيها روحا لا تعرف إلاّ النقاء الأبدي.
أعيش في تلك الصومعة وإن متّ فهي لي مستودعي الأخير..
حلم كبير.. أليس كذلك؟ فكيف السبيل إلى تحقيقه؟
هذا العمل الجبّار محتاج إلى مال كثير ودعم ضخم كي لا يبقى أحد ممن هو في حاجة إلى العلاج من غير علاج. فمن أين لي المال وأنا رجل يؤمن بأن صرف ما في الجيب يعوّضه في غد ما في الغيب ؟؟
كيف لي أن أبني هذا المشروع الذي ليس له شبيه ولا مثيل في أية بقعة من بقاع الدنيا وأنا أصرف كلّ يوم كلّ ما أملك وأحيل مصروفات غد إلى ( بنك ) السماء يأتيني منها رزق يومي الجديد..؟
كيف؟
من هنا سأبدأ مسيرة الخير والبركة هذه وأجوب الأرض أقرأ الكف وأعين المحتاجين وما يأتيني من ثمن لقاء ما أقوم به سيكون في حساب هذا المشروع الضخم العظيم..
أدور أصقاع الأرض ولا أبالي احتمل جسمي الضعيف ذلك أم لم يحتمل فإن دعوتي كبيرة وإن مسعاي أكبر من أن يطويه النسيان أو تلعب به الريح وتأخذه كل مأخذ.
يقول لي كل الذين يعرفونني وأستمع إلى ما يقولون :
لن أقدر على هذا المشروع الضخم وحدي فهو ليس مشروعا فرديا..
وأقول لهم في كل مرّة:
من قال لكم إنني وحدي؟
إن معي قوة الروح وقوة الحق وقوة الإنسانية التي تحرّك الجبال..
معي قوة الإيمان بالخالق المطلق القادر على كلّ شيء والجامع كلّ شيء وإنّ من كانت معه هذه القوة فهو الأجدر بالبدء وبالسير على طريق الصواب.
الطيبون كثار والخير كثير وهم على مرمى البصر وإن كنت لا أراهم ومتى عرفوا ما أريد وما أسعى إليه مدّوا إلي يد العون وأشركوني في مسعاي فإن نيتي الخير و إسعاد الإنسان الذي فقد السعادة بسبب المرض ولم يجد ما يعينه على وسائل العلاج ولم يتوفر له ما يتوفر لغيره .
اليد الرحيمة التي تبسط بالخير والحب لا بدّ أن تبسط للخير الذي أريده ، ليس لنفسي ولكن لكل من كان محتاجا لهذا الخير.. وتلك نيتي.. أو ليست الأعمال بالنيات و إنّ لكل امرئ ما نوى ؟
حلمي هو هذا فإن سألتموني،أعزائي القراء: متى البدء ؟
فالجواب عندي و عندكم وعند كلّ الطيبين.. وصدّقوني أنّ الطيبين كثار ..
الفصل الخـامس
أنا وتوقعاتي
صـحـّت وتصح كاملة.. وفي بعضـهــا غموض .. لماذا ؟
حين استقر بي المقام في برلين الغربية- يوم كانت ألــمــانيا مـشـطـورة شطـرين – بدأ الناس يعرفونني ويعرفون أني الفلكي القادم من أرض السحر والعجائب ، أرض العراق وبدأت الصحف الألمانية تتحدث عن (الآلوسي) الذي يحل مشكلات القلب والنفس والمال .
كنت سعيدا بتلك الدعاية المجانية فقد كانت وسائل الإعلام هي التي تبحث عني وتطلب المزيد من معرفة أموري وكيف دخلت عالم الفلك وصاروا يسألونني عن توقعاتي عن برلين وعن ألمانيا وعن قضايا المال والضحايا العامة التي تهم الرأي العام.
وكانت بداية كل سنة جديدة مناسبة للتلفزيون الألماني ليسأل الفلكيين والعاملين في مجال التحليل الفلكي عن أهم قضية تشغل المواطن الألماني وتأخذ حيزا من تفكيره فهي قضية مصير أمة واحدة تمزقت. وكان أكثر ما يحزّ في قلوب الألمان الوضع اللاإنساني في برلين حيث أقيم جدار هائل يقسم المدينة العريقة إلى شطرين فتمزقت عاصمتهم التاريخية وتشتـت أسر كثيرة وتقطعت أواصرها فجزء من الأسرة يعيش تحت السيطرة الشيوعية في برلين الشرقية وأفراد منها ينعمون بالحرية والحياة الرغيدة في برلين الغربية التي كانت مقسمة تحت سيطرة الحلفاء الثلاثة الذين أسهموا في تحريرها من النازية : الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
كان الجدار كابوس المواطن الألماني وكم ذهب منهم ضحايا دفعوا حياتهم ثمنا غاليا للحرية حين كانوا يجازفون في تسلق الجدار من الجانب الشرقي وكان من النادر جدا أن ينجو من خوض التجربة القاتلة أحد.
كان الفلكيون الألمان وغيرهم من الفلكيين الأوربيين يباهون بصحة توقعاتهم وقد أجمعوا كلـّهـم على بقاء جدار الموت في برلين ولم يتوقع أحد من أولئك الفلكيين ، ناهيك عن المحللين السياسيين الكبار ، أن ينهار الجدار وتتوحد العاصمة الألمانية بل وتتوحد ألمانيا فتعود واحدة كما كانت. كان توحيد الألمانيتين ، في ظـن أولئك جميعا ، ضربا من المستحيل .
الفلكيون الكبار والسياسيون الكبار والمحللون الكبار اجمـعـوا على رأي واحد وأكّـدوا للشعب الألماني وللعالم بأسره أن عمر الشيوعية أزلي ، وأن برلين الشرقية سوف تبقى شرقية ، وأن الشطر الغربي سوف يبقى غربيا .. توحيد ألمانيا خرافة ولا أحد يقول غير ذلك ، غربيين كانوا أو شرقيين ، شيوعيين كانوا أو رأسماليين..
إلا أنا .. الفلكي الذي جاء أمس من بغداد إلى برلين قال لهم جميعا:
إنكم على خطـأ..
تحليلاتى الفلكية أكـدت للجـميع أن جدار برلين سوف ينهار قريبا، وأنّ ألمانيا الممـزّقــة سوف تتوحد قريبا ، وأن الشيوعيـة سوف تنهـار ما بين يوم وآخر..
قلت ذلك ونشرته وأذاعته محطات التلفزيون في كثير من الشك وعدم التصديق..
ووقعت المعجزة التي كانوا يرون أنها لن تقع .. وانهار جدار الموت البرليني وتوحدت ألمانيا .. وسقطت الشيوعية وانهارت كما تتساقط قطع الدومينو بشكل مذهل وسريع.
وكان ذلك عاملا كبيرا في أن يأتي الناس يستشيرونني ويسألونني حل مشكلاتهم فقد عرفوا أني أرى ما لم يره الفلكيون الآخرون وعرفوا أن بصيرتي تهديني إلى الصواب وأن تحليلاتي الفلكية وحساباتي هي وحدها الصحيحة والواقعية.
وهنا أذكر واحدا من توقع أراه أنا نفسي نادرا جدا.
جاءتني سيدة ألمانية تمـلـك دار أزياء كبرى في ألمانيا تطلب نصيحة في أمر علاقة عاطفية مضطربة بينها وبين واحد من كبار المحامين. كانت العلاقة بينهما متوترة إلى الحد الذي طلبت مني أن أساعدها على إنهاء تلك العلاقة وقالت لي إنها على استعداد لدفع أي مبلغ أطلبه..
وبدأت أقرأ خطوط كفهــا .. وتوقفت مندهشا من المشهد الذي تراءى لي .. سألتها عن يوم ميلادها ويوم ميلاد المحامي الكبير .. وتوقفت لحظة .. قلت لها:
وفـّـري عليك مالك فلن أقدّم لك أية نصيحة ولن أشير عليك في اتباع أية طريقة للتخلص من هذه العلاقة لأنها سوف تنقطع إلى الأبد خلال أربع وعشرين ساعة ولن تري الرجل بعد اليوم ولن تسمعي صوته وسوف تتألمين كثيرا وكثيرا جدا لذلك.. حين سألتني باستغراب : كيف ؟ ولم أستـطـع أن أجيبها فكل الذي رأيته في خطوط كفها وارتباط العلاقات بين ميلادها وميلاد عشيقها يشير إلى أن الأمر محسوم فورا.. ولـم أدر ِ أنا نفسي كيف سيـكــون ذلــك ولا الشكل الذي سوف يبتر العلاقة من جذورها وكل ما عرفته وتوصلت إليه هو إن الأمر بين العاشقين محسوم إلى الأبد.،
وعادت السيدة المشهورة إلى مدينتها في الليلة نفسها..
رنّ جرس هاتفي الخاص في الصباح الباكر و لم أسمع في الثواني الأولى غير شهقة بكاء .. ثم همسة موجعة تقول:
لقد مات.. قتله لصوص اقتحموا بيته الفخم وألقي القبض عليهم ومعهم المسروقات..
وحين فتحت المذياع سمعت الخبر المؤسف وعرفت أنني ، وبكل أسف ، كنت أشهد مصرع الرجل ونهايته من كـوّة تطـل عبر بصيرتي على المشهد الرهيب.
خطوط كف صاحبة دار الأزياء الشهيرة أرتـنـي المصير المحتوم ، وأظهــرت لي حساباتي أنهما سيفترقان إلى الأبد ..الآن وليس بعد أيام أو أسابيع.. لم أكن أعرف كيف ولم أدر الوسيلة ولم أعرف إن كانا سيفترقان فراق الموت أو غيره ولكن الذي خرجت منه بحساباتي أن العاشقين مفترقان .. فورا وإلى الأبد.
كنت أرى ببـصيــرتي ولم أكن لأرى ببصــري.
وأعلنت للناس أن الحرب الطاحنة بين العراق وإيران متوقفة خلال ثلاثة أشهر ولم يكن أحد ليصدق ذلك فقد كان خميني مصرا على استمرارها ولم يقنع بأية وساطة أو رأي سوى استمرار الحرب..
وتوقفت الحرب في الموعد الذي توقعته..
رأيت ذلك ببصيرتي ..
وانسحب الرئيس الأمريكي بل كلنتن من الترشيح ولكني توقعت بعد يوم واحد من انسحابه أن سيعود للترشيح وسيفوز بالرئاسة مرتين ..
افـخـر أني أول من قال إن ّ الصلح بين العرب وإسرائيل قريب جدا وكانت الدول العربية قد أدانت زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لإسرائيل وكانت المقاطعة العربية للبضائع الإسرائيلية على أشدها ، والعداء مستحكم بين الطرفين حـد ّ الإقتتال..
فلت إن الصلح قائم بين العرب واليهود وإن الرئيس الراحل ياسر عرفات سوف يكون أول رئيس للسلطة الفلسطينية وإن الدولة الفلسطينية قائمة وعلى أرض فلسطين سوف يرتفع علم فلسطين المستقـلة الحــرّة..
وكتبت كل ذلك في رسائل رفعتها إلى القائد العربي الفلسطيني الرئيس ياسر عرفات ولم يهمل رحمة الله أية رسالة من رسائلي إليه.
توقعت وتحـقـق ما توقـعـتـه في زمن لم يكن ليخطر ببال أحد أن ما قلته سوف يكون حقيقة وأن ما أتوقعة واقـع لا محـالــة.
وتوقعت الكثيرغير ذلك ، وصح ذلك الكثـير..
ولكني قد أغـلـّف بعض توقعاتي بألفاظ غامضة أو أشير بإشارات بعيدة خوفـا على حياتي أو تحاشيا لمشكلات بيني وبين شخصيات ومسؤولين وحكـّام دول وقد حصل ذلك مرارا ولا أريد البوح بأمثلة على ذلك للأسباب التي قلتها ولكن القارئ الفطن والذين يتابعون توقعاتي يستطيعون معرفة تلك التوقعات بكل تـأكيد ولربما يحين وقت الإشارة إليها بصراحة وتسمية الأشياء بمسمـّياتها في الوقت المناسب الذي أرجو الله أن يكون قريبا.
ما قد يراه البعض من غموض في قسم من توقعاتي كان له أسبابه ، إذن ، ولم أكن مخطئــا في أي توقـّع ، وللحديث عن كل ذلك أوان وميقات .
الفصل السادس
عناصر في شخصيتي
الألم ...العاهة .. وسجن الجسد...
الأساس الأول لبناء الشخصية هو أن يعرف الإنسان نفسه ، وتلك هي المشكلة التي واجهت البشر وتواجههم في كل زمان وفي أي مكان.
كيف يعرف الإنسان نفسه ؟ تلك هي القضية بأكملها ، ولكن الحقيقة الأزلية تبقى في أن الفروق الفردية والتمايز بين الناس لا تأتي اعتباطا وليست منفلتة أو عشوائية وإنما تقع ضمن سياق منطقي من ناحية ونفسي من ناحية أخرى ومن هنا تشـكـّل الفروق الفردية عناصر في تكوين الشخصية.
ولعل الألم أوضح صورة للتمايز بين االأفراد. من ألألم ما يدفع الفرد إلى الهروب والتراجع فيتخـذ سلوكية إنهزامية وتتوالى الإحباطات بل وقد يصل الشعور بالألم إلى أن يتقوقع الشخص على نفسه ويبني جدارا سميكا بينه وبين الحياة السعيدة.
قد يدفع الشعور بالألم والإحساس به إلى حالة من التعقيد النفسي تؤدي إلى الفشل التام وتجهض أي طمـوح مهما كان بسيطا. الألم هنا معول تحطيم وهدم.
ومن الألم ما يكون دافعا للمقاومة وحافزا للحركة المستمرة والتقدم إلى أمام. وأنا من الناس الذين كان الألم حافزا يدفعني إلى مواصلة الكفاح ضد كل أنواع الإحباط وأشكاله وكنت كلما مرّت بي حالة من الألم زدت عنادا على مواصلة السير وكلما كان الألم شديدا وعنيفا جاء إصراري أشد قوة. من الألم انطلقت شرلرات تقدح زناد إصراري وتدفع بي نحو مزيد من البحث ومزيد من اكتشاف خفايا العلوم الفلكية والروحانية. الألم عندي حالة تجديد للطاقة وتغيير نحو الأحسن فكانت آلام السجن والإعتقال و الظلم والقهر والإضطهاد و المرض والإعياء الجسدي... عنصرا أساسا في تكوين شخصيتي وصقلها.
وبمقدار ما حدّد الألم شخصيتي وميـّزها كانت عاهتي الجسدية عنصرا آخر قويا من عناصر تكويني الشخصي والنفسي وربما كان تأثيرها متوازيا مع تأثير الألم لأنها كانت عاملا كبيرا من عوامل إستثارة الألم عندي فهي تسير في خطّ متواز مع خطّ الألم ومساره.
ولقد تدفع العاهة بصاحبها إلى اليأس والإنهزام من معركة الحياة تماما مثلما يدفع الألم إلى حالات الفشل والزهد بالحياة وفقدان الطموح كما أشرت.
العاهة التي تكون سببا في الفشل والإحباط قد تكون عاملا سلبيا في تكوين الشخصية في حين كانت العاهة عندي عنصر تحديات متواصلة وكلما عابها علـيّ الجاهلون من الناس زادت ثقتي بنفسي وزاد إصراري على أن لا أجعل من نفسي ( شيئا ) في سياق أشياء ولكن أن أكون متميزا واسما يعرفه الصغير والكبير ، من أبناء وطني ومن غيرهم في مشرق الشمس ومغربها.
كانت العاهة العامل الإيجابي الذي أعطى شخصيتي بعدا من أبعادها حين أخذت صيغتها الإيجابية بتـأثير إيجابي فـعـّال ولم تكن - كما هي عند بعض المصابين بها – عنصر تراجع وانكماش وخوف وبذلك اكتسبت شخصيتي وضعا متميزا حين تحولت عاهتي إلى صورة إيجابية محفـّزة وليست صورة سلبية محبطة.
كانت عاهتي سجنا وجدت فيه وسيلة فـعـّالة في تحقيق الطموح الذي أسعى نحوه فسافرت وارتحلت واتخذت لي وطنا غير الذي ولدت فيه وصنعت لنفسي موقعا غير الذي كان مفروضا علــيّ وخرجت إلى عالم مختلف عن العالم الذي كان يتـمـثّـل في البقاء في محيط ضيق يتمثل بالأسرة والمحلـّة والخوف من الإنطلاق خارج ذلك السور الذي يبنيه أصحاب العاهات لأنفسهم .
كنت رهين السجن الجسدي لكنب لم أقبع داخله وإنما انطلقت منه وأنا أحمل في داخلي كل مقوّمـات الحياة وتختصرها كلمة واحــدة : الحــريــة.
كنت حـرا في داخلي وإن أكن أسير سجن الجسد ومن الشعور بالألم انطلقت باحثا عن الحرية ومن أسوار سجن الجسد انطلقت هاتفا بالحرية.
تبلورت شخصيتي واتـّخذت طريقها وتميـّزت متقدّمــة الصفوف وهي راسخة الأساس ، ثابتة البنيان. وهذا هو الذي كنت أريده لأنه هو الذي كان مقـّدرا علــيّ أن أكــونه.
ساعدتني معاناتي وآلامي على مـذّ يد العون لكل من سحقه الألم سواء أكان ألما جسديا أو ألما نفسيا أو معاناة روحية. وكما وجدت في الألم وسيلة دفع إلى أمام ، رحت أ ضع تجربتي الشخصية مع الألم في خدمة كل من سحقه الألم وعـذّبته المعاناة محاولا دفعهم إلى أمام ومستخدما شعورهم بالألم قاعدة ينطلقون منها نحو السعادة والنظر إلى الحياة من نافذة إيجابية مفتوحة على العالم الرحب السعيد.
وكما خلقت من عاهتي وسيلة بناء واتخذت منها عاملا إيجابيا لدفعي إلى أمام وتحقيق طموحي ، فقد كنت أساعد أصحاب العاهات على التعامل مع العاهة تعاملا إيجابيا وإتخاذها معولا يهدمون به الحواجز و يهدمون الأسوار النفسية التي تمنعهم من الخروج إلى عالم الشمس وفضاءات الحرية وبدلا من أعتبار العاهة حجر عثرة دون التقدم حاولت ، ونجحت في كل محاولاتي ، فكّ الحصار الجسدي المضروب حول اصحاب العاهات الذين يستشيرونني.
كان سجن الجسد عندي عاملا في تحريري من الخوف الداخلي وكان زخما عنيفا للثبات والإصرار على تحقيق ما أريد ولم تمنعني حواجز العاهة من إتخاذ موقف المهاجم كلما واجهت صعوبة أو طوقتني مشكلة ولم أتعامل مع الحياة من موقع الدفاع والإقتناع بما هو حاصل وما أنا عليه ولكنـي كنت أهاجم المشكلة وأصارعها لكي أتغلب عليها فالألم والعاهة ، كما قلت ، عنصران في تركيب شخصيتي وعنصران من عناصر تكوينها وما دام الأمر معي كذلك فقد وضعت تجربتي ، أو بالأحرى تجاربي ، في خدمة الناس ونجحت في إدخال السعادة إلى قلوب كاد الإحساس بالألم يسحقها وإلى نفوس كادت العاهة تأخذها إلى أغوار المجهول..
الألم صانع معجزات ويد تبني وكنت الرجل الذي صنع منه الألم عالما فلكيا وشخصا متميزا وإنسانا آمن بقيمة الإنسان.
والألم ، عند كثيرين ، عامل قهر وآلـة سحق ويد تهدم وهؤلاء هم الذي كنت أساعدهم على التغلب على نتائجه السلبية ونقلهم من حالة الإحباط والشعور بالسحق إلى آفاق السعادة والحياة الإيجابية.
المصير الإنساني من خلال: خطوط الكف..الأسماء..الأرقام..تاريخ الميلاد بدأ اهتمامي بالفلك وكيف تنامت قدراتي وعرفوا بدايات إتصالي بالفلك حين أشرت إلى أنني كنت في بدايات نضجي أعير اهتماما كبيرا لعلم الفلك والنجوم وتأثيرها على الانسان، وكيف أن ايقاع حياة الانسان يمضي في طريق متواز مع تأثير النجوم ...
كما شغلتني أيضا دراسات تتعلق بأكثر من ثلاثة عوامل في توازن الكون (العوامل المادية والنفسية والفكرية) وفيما بعد كرست نفسي لدراسة "السنوات الحية" التي تنقسم الى دورات، كل منها تشمل 644 يوما.
توسّعت معارفي في هذا المجال بمساعدة جداول وتعليمات مرفقة بهذه الكتب القديمة، والى جانب ذلك اندمجت بممارسة الروحانيات والتوقعات.
بدأت بقراءة الطالع، وكنت معتادا عليها منذ الطفولة المبكرة، وبمساعدة كتب تعليمية قديمة، اكتسبت تعمقا وبصيرة داخل أسرار هذه القراءة، وفي الحقيقة فان كل انسان قادر على قراءة الطالع بشرط أن تكون لديه قدرة على الحس الزائد.
فالجسم والروح يشكلان وحدة متكاملة، وبمجرد اكتشافي لظاهرة الحس المتزايد لدي، والتي واجهتها منذ طفولتي، لم أتمكن من التوقف في البحث عن (الحقيقة العليا). كانت أفكاري تتركز على هذا الموضوع، فتوصلت الى استنتاج لايصدق:
فاللاوعي عندي هو اقتناع من ذاته بالحكمة وبتجارب الآخرين ... وعلى كل حال، فان البصيرة هي ليست باللاوعي الذاتي الموجود لدي، ولكنه بكل الموجود عند الآخرين.
اذ يقوم اللاوعي عندنا دائما، بخلق عوامل مفيدة في تقرير مستقبلنا .. لكن صوتنا الداخلي يتم اسكاته عادة بالعقل. وهو شيء يبعث على الأسى، فاللاوعي أرفع مقاما من الوعي، من ناحية حساسيته والمجالات التي يغطيها.
قمت بفتح كياني تماما محاولا أن أتبين سر تحضير الأرواح. وعبر دورات الاستغاثة واستحضار ارواح، والالهام جزئيا من الكتب القديمة، أصبحت مدركا للخاصية العليا المكانية للروح، فهي غير مقيدة بأي تخطيط مكاني قاس .. اذ تصعد الروح الى خالقها بعد فناء الجسم، وتستمر قوتنا الروحية على البقاء وهي محتفظة بكل تجاربها ومعرفتها وذاكرتها.
وعلى هذا الأساس بدأت بتنمية شعوري الذي يستقبل العالم الروحاني السامي الخلاب. ولجأت في هذه العملية الى اللاوعي الداخلي، واستعملته كنوع من هوائي استقبال.
ان العناية بالآخرين هي جزء من القدرة على فهم اللاوعي، وهكذا توصلت أخيرا الى هدفي، وأصبحت قادرا على معرفة وتحليل نفسي والآخرين .. كما توصلت الى ملاحظة هامة اخرى، وهي أن الله معي.
وأحسست أني وضعت لنفسي الخطط الكبرى لمسيرتي الفلكية وأن الوقت قد حان لكي أخدم الناس بقدراتي، وبدأت الأنظار تتجه إلي باعتباري "فلكي بغداد" .وبعد ممارسات ومعاناة متواصلة وجهود دائبة اكتسبت سمعتي كعالم فلكي وروحاني وذي بصيرة ثاقبة تريني آفاق المستقبل وخباياه. وبدأت شهرتي تتسع الى خارج العراق، وينشد الناس مساعدتي من كل البلاد العربية، وهم يستشيرونني ، أو يرغبون إلـي ّ في حلّ مشاكلهم من خلال أعمالي الفلكية.
افتتحت مكتبا في بغداد لمساعدة الناس عن طريق قدراتي، فقبض علي رجال الآمن في بغداد لأني أمارس عملا غير مسموح به وهو التنجيم وعلم الفلك . وأودعوني السجن لثلاثة أشهر، بتهمة احتراف التنجيم .
كانت الشهور الثلاثة التي قضيتها في السجن من بين الذكريات الحزينة في حياتي .. فقد لوث الحراس كافة القيم الانسانية، وارادوا تدمير قوتي كعالم فلكي .. ولكنهم لم ينجحوا في تدميري، وتركت السجن وأنا مستلـّح بارادة قوية لاتتحطم.
ولحسن الحظ فقد كان بامكان عائلتي ارسالي الى صوفيا، عاصمة بلغاريا لغرض العلاج .. وهناك بدأت تندمل بالتدريج الآثار الخطيرة التي خلفتها فترات السجون التي قضيتها في الكويت وبغداد.
قضيت بعض الوقت في مستشفى بصوفيا، وكانت فرص شفائي جيدة، وسرعان ماأصبحت قادرا علىالوقوف وبدأت أخرج الى الشوارع.
وفي احدى الامسيات، وبينما كنت أتنزه بمفردي، فوجئت بمشاهدة كنيسة ضخمة ورائعة، فوقفت أمامها وأنا مرتبك، غير قادر على الكلام .. فهي نفس الكنيسة التي رأيتها في منامي من قبل .. ودخلتها وأنا غير قادر على التفوة بكلمة واحدة .. ثم ركعت وصليت .. وشكرت الله من أعماق قلبي الباكي دون توقف ..فقد منحني الله قوة على العيش رغم كل ماأصابني من أحداث فظيعة، كما منحني حياة جديدة.
وبعد فترة قليلة وقفت، جففت دموعي، وكنت قد اتخذت قرارا بالاستمرار على مساعدة رفقائي في الانسانية، من خلال موهبتي ومقدرتي .. رغم الحملات المضادة علي في الصحف. كان ذلك هو الوقت الذي أدركت فيه تماما قوتي الروحية الهائلة، وأصبحت لدي رغبة شديدة في انقاذ البشرية عن طريق استخدام قدراتي الروحية والفلكية.
كثيرون هم الذين لا يرون في الفلك علما ويرونه مجرد أوهام، وكثيرون جدا هم أولئك الذين يرون الفلك علما قائما بحد ذاته وله قواعد وأسس ووسائل لإستخدامه. ولكل ٍ من إولئك حججه ورأيه. ولكن القضية ليست مجرد قبول أو رفض فهي مسألة منطقية وترتبط ارتباطا جذريا بالواقع الإنساني من جهة وبالمعرفة الإنسانية من جهة أخرى.
ليست كل الظواهر الكونية مفسرة ولم يتوصل العقل البشري حتى اليوم إلى معرفة كـمّ ٍ هائل من القضايا ليست فقط تلك المتعلقة بالكون وخفاياه وبالموجودات التي تبعد عن أرضنا ملايين الساعات الضوئية .و العقل البشري والعلوم المتيسرة لم تستطع حتى اليوم إكتشاف كثير من خفايا النفس الإنسانية وخباياها ولا يعرف العلماء حتى الآن مثلا كيف تتشكل المعرفة داخل خلايا الدماغ البشري وكيف هي ميكانيكية النوم أو الأحلام بل ويجهلون حتى أسباب بعض الأمراض وعلاجاتها.والنظريات وأطروحات التحليل النفسي تتفاوت فيما بينها تفاوتا كبيرا من فرويد إلى يونغ ومن نظريات السلوكيين إلى نظرية الغشتالت فما تزال خفايا النفس الإنسانية غامضة وما يزال الإنسان لا يعرف من هو.
كيف يستطيع الإنسان اكتشاف نفسه ومعرفتها ؟
من هذه البداية تماما حاول اكتشاف المجهول ومعرفة مستقبله ومصيرة وما يخبئه له القدر، و كان أول تحليل فلكي عرفته البشرية هو ذلك الذي عثر عليه علماء التنقيب الآثاري في بابل حين وجدوا رُقما طينيا كتب فيه الفلكي البابلي تحليلا لبرج طفل حديث الولادة. و خبراء التاريخ القديم وعلماؤه كتبوا الكثيرعمّـا اكتشفوه من معرفة البابليين بالفلك واكتشافهم الكواكب السبعة وبنائهم حساباتهم الشهرية على ما عرفوه آنذاك وحسبوا الساعات والدقائق واخترعوا النظام الستيني في التوقيت ..و..و.. وكل ذلك مرتبط بالفلك وبتأثير الكواكب السماوية على البشر في الأرض ارتباطا كاملا.
لسنا وحدنا في هذا الكون العظيم الذي لا نعرف حدوده ولا أبعاده . تلك مسألة منطقية بكل تأكيد . ترى لماذا نكون نحن البشر المخلوقات الوحيدة في الكون الهائل وكلنا يعرف أن الأديان السماوية تحدذت عن مخلوقات أخرى غيرنا فتحدثت عن الجن وغير الجن و الرُقـُم الطينية البابلية والمصرية والفينيقية والمكتشفة في أمريكا اللاتينية وآسيا تحدثت عن مخلوقات أخرى غيرنا في هذا الكون وها هم العلماء اليوم يطلقون مركبات كونية تجوب الفضاء بحثا عن مصادر الحياة في مواقع أخرى من الكون. هم يبحثون عن الماء الذي نراه نحن أهل الأرض مصدر الحياة و يريدون اكتشافه في الكواكب القريبة منـا نسبيا ضمن دائرة مجموعتنا الشمسية التي يعرفونها ولكن لم يستطع أحد حتى اليوم أن يأتي بالدليل القاطع على خلو العوالم الأخرى من الحياة خارج عالمنا الشمسي والعوالم الشمسية التي يحاولون اكتشافها.
والمنطق العقلي يقول إن الإنسان لا يمكن أن يكون وحده في هذا الكون الهائل في حجمه وزمانه.
أريد أن أقول إن العلماء والناس العاديين أيضا يعرفون كيف يكون مـدّ البحر في أعلاه حين يكون القمر بدرا ، ويكون الجزر في أدناه حين يكون القمر في المحاق.. القمر يجذب البحار عالية في مـدّها حين نراه في اكتمال صورته ، أي حين يكون بدرا، وجذبه البحار قليل ضعيف حين لا نراه إذ يكون في المحاق..
ما دام القمر مؤثرا على المياه فلماذا لا تؤثر مواقعه على السلوك البشري؟
وإذا كان لإنفجارات الشمس تأثير على الموجات الراديوية في الأرض يصل حد التشويش على الموجات القصيرة والبالغة القصر والبنفسجية وغيرها فلماذا لا يكون لها تأثير على البشر في هذه الناحية أو تلك ؟
وإذا كنا لا نستطيع اليوم إثبات كل هذا فلماذا ننكره ولا ننتظر المستقبل واكتشافاته ؟ ألم يعتقد الناس، والعلماء معهم ، قبل قرون أن الأرض ، مسطحة ثم ثبت أنها كروية؟ ألم يعتقدوا أن الأرض ثابتة وأن الشمس هي التي تدور وثبت العكس كما نـعرف وندري تماما ؟
وهاهي المركبات الكونية التي انطلقت قبل خمسة عشر عاما ما تزال مسرعة في الكون الهائل العجيب وتزود العلماء على الأرض بالصور والمعلومات كل لحظة.أين نهايتها ؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتوغل في الكون ؟ وماذا يخبئ لنا العلم من مفاجئات هي واقع ولكننا نجهله ؟
إن علم الفلك عالم واسع سعة الكون ولا نعرف عنه إلا القليل وهناك دارسون وباحثون في خفاياه تماما مثلما يبحث آخرون في علوم أخرى غيره. فهل تهيّأ لي أن أدرس هذا العلم وأبحث فيه؟
لقد بهرني الكون وبهرتني خفايا النفس الإنسانية فقرأت الكثير عن ذلك وتحصلت لدي ثقافة فلكية واسعة ولكن الدراسة الفلكية لا تكفي وحدها. هناك الفطرة وأنا واحد من الذين أنعم الله تعالى عليهم بفطرة وبصيرة فكنت أحس بقلبي وفي تضاعيف خيالي أمورا لا تبدو لغيري وكنت أرى حوادث وكوارث قبل وقوعها ، والذين قرأوا الأجزاء السابقة من مذكراتي يذكرون أني عرضـت نماذج من حوادث ووقائع ، وتحدثت عن بداياتي الأولى في الفلك وهنا أريد أن أؤكد للقارئ أني تعلمت أصول الفلك ودرست كثيرا مما يتعلق به ولكن ذلك كله كان قليلا بقدر تعلق الأمر بالفطرة فالفلك ، شأن كل علم يحتاج إلى فطرة أولا ثم الدراسة ثانيا.
لا يمكن لمن لا يملك فطرة في الشعر ان يكون شاعرا ولا لمن لا يملك فطرة في الفيزياء أن يكون فيزياويا ولا لمن لا يملك فطرة رياصية حسابية أن يكون عالما في الرياضيات . الفطرة ، أو سمـّهـا الموهبة ، هي الأولى في البراعة والتميـّز ثم صقل تلك الموهبة وتوسيع رقعتهــا عن طريق الدراسة والبحث والتحصيل فيما بعد.
- (2) -
كيف يتأثر البشر بهذه الكواكب رغم ملايين الأميال التي تفصلها عنّا ، نحن سكّان الأرض؟
لعل من الممكن أن نلتمس الجواب في بعض جوانبه في علم الفيزياء فعلماء الفيزياء يخبروننا أن العامل الذي يسيطر على حركة هذه الكواكب السيارة هو الجاذبية وهناك قوانين في الجاذبية تفسر لنا ، مثلا ، لماذا لا تصطدم الأرض بالقمر ولماذا لا تنسكب مياه المحيطات في الفضاء والأرض تدور ولماذا يبقى المشتري أو عطارد في مدارهما ضمن المجموعة الشمسية ولا يصطدمان ببعضهما أو بالشمس أو بكوكب آخر في منظومتنا الشمسية.
وإذا كانت قوانين الجاذبية ونظريات علمائها صحيحة ، وهي صحيحة بكل تأكيد ، فلماذا لا يكون لهذه القوة غير المنظورة والتي نسميها الجاذبية تأثير على البشر بشكل أو بآخر ؟
نحن جزء من عالم متحرك متكامل ومن هنا فنحن متأثرون سلبا أو إيجابيا بما يدور حولنا.وهذة الماكنة الكونية الضخمة تتحرك أجزاؤها وتعمل وفق قوانين متناسقة ولأننا جزء منها فنحن نتحرك وفق قوانينها وحسب ما تمليه علينا اشتراطاتها.
يتعكر مزاجنا حين تهب العواصف رملية أو ثلجية وتغيم سماؤنا الداخلية ونكون بائسين حين تكفهرّ السماء ونهرب إلى بيوتنا هلعا ونخاف حين يكون زلزال أو يثور بركان أو تفيض أنهار وبحار...
أمزجتنا مرتبطة بغضب الأرض أو خوف السماء وما ينزل منها أو يكون تحت قبّتها...
ونستمع إلى الإذاعات فيزعجنا انقطاع البث أو التشويش الذي يعكر علينا صفو استماعنا ولا نفاجأ حين تعتذر محطات الإذاعة عن ذلك بأن السبب عاصفة وا انفجارات شوشت الذبذبات فاختلطت واختلط الحابل بالنابل...
أين العواصف تلك ؟
على سطح الشمس!!
آلاف الملايين من الأميال وجدّتنا العزيزة ، شمسنا، تفسد علينا متعة الإستماع إلى برامج إذاعتنا التي نحبها...
أوضاعنا النفسية تتقلب وتنقلب أحيانا بفعل لا علاقة له بدواخلنا ولا يرتبط بنا بشكل مباشر لكنها مرتبطة بقوى خارجية كما ارتبطت أرضنا بقوة خارجية فكان المدّ الأعظم والجزر الأدنى وكانت الزلازل والعواصف والبراكين.
ما دام الأمر كذلك فلماذا نعجب إذن من تأثير الكواكب علينا ، نحن البشر ؟ لماذا يستغرب أحد من تدخّل الشمس وعطارد والزهرة والقمر والمشتري وأورانوس والمريخ في حياتنا وتشكيل شخصياتنا؟..
ونظرة عاجلة إلى تأثيرات الكواكب تعطيكم فكرة عامّة عن تأثير كل كوكب على حدة فإذا قيل لأحدنا أنه من برج الأسد فإنه واقع تحت تأثير الشمس وإن كان مولودا في برج العقرب فهو مولود تحت تأثير كوكب المريخ وهكذا...
ماذا تعطينا هذه الكواكب ؟
الشمس : تأثيرها على الصحة والنشاط وقوة الارادة، وبذلك نكون أكثر فاعلية وابداعا. والمولودون تحت تأثير هذا الكوكب محاربون أشداء ويتحدون الصعوبات.
القمر : يؤثر القمر على الأمزجة والمشاعر بصورة عامة، الا أن تأثيره لاشعوري في معظم الأحيان،لكن الواقعين تحت تأثيره حالمون حساسون سريعا الغضب سريعا الرضى.
عطارد : يؤثر مداره علىالفكر والحركة، وبذلك تصبح لكم رغبة في السفر وفي كتابة الرسائل والتحدث علىالهاتف، واجراء الاتصالات مع الآخرين بصورة عامة.
الزهرة : كوكب الشفافية و السعادة التي تجلبها الحياة الاجتماعية و ملهب مشاعر الحب ويبرز مدار الزهرة كذلك جانب المرح في الشخصية حتى للذين هم من الأبراج النارية
المريخ : كوكب القوة والسيطرة وإمساك الأمور بحزم والمولودون تحت تأثيره لهم قدرة على مواجهة المصاعب والتغلب عليها.
المشتري : كوكب الأسفار والتحولات وعدم الإستقرار لكنه كوكب الثقة بالنفس والتي قد تدفع نحو الغرور.
زحل : المولودون تحت تأثيره يصابون بالكآبة غالبا وينتابهم اليأس بسرعة وقد تتقلب حياتهم بين سعادة وشقاء بسرعة وربما كانوا أكثر اعتمادا على غيرهم في أمورهم الخاصة.
اورانوس : المولودون تحت تأثيره قد يفقدون السيطرة على تصرفاتهم أحيانا ولا يعرفون اتجاهاتهم الصحيحة وقد يكون زواجهم فاشل بسبب الحيرة أو بسبب مفاجئات غير متوقعة.
نبتون : إن كنتم مولودين تحت تأثيره فقد يؤثر عليكم بما تؤمنون به وبموقعكم من الحياة. وقد تشعرون بالضياع، وذلك نتيجة لتشتت شعوركم واحاطتكم بمخاوف غير منطقية.
بلوتو : قد يكون تأثير الكوكب بلوتو هدّاما وبنّاء في الوقت ذاته. فهو يقضي على المفاهيم القديمة والبالية في حياة المولودين تحت تأثيره بخلق مفاهيم جديدة تكون عادة أفضل بكثير من سابقتها.
وثمة شيء آخر.. فليست تأثيرات هذه الكواكب محصورة بالمولودين تحت تأثيرها حين كانت في موقع معين من دائرة الأبراج ولكنها تؤثر على كل الأبراج في تغير مواقعها. أي حين تكون الزهرة في برج الأسد مثلا فإن مواليد الأسد يكونون في وضع جيد من ناحية العاطفة والزواج والعلاقات العامة والخاصة رغم أن الكوكب المسيطر على الأسد ليس الزهرة ولكن الشمس. ومثل ذلك حين يكون كوكب المريخ في برج العذراء مثلا فهو يعطي مواليد العذراء قوة غير عادية وقد يرتكبون أخطاء كبيرة بسبب التغيير المفاجء الذي يحدثه المريخ في حياتهم. وهكذا يكون لكل كوكب تأثير على المولودين ضمن تأثير كوكب غيره.
أنا أرى الأحداث الجسام والصغار ببصيرتي ولا أرى الغيب فالغيب مجهول ولا يحيط به غير الخالق سبحانه وتعالى ولكن البصيرة هي النعمة التي أنعم الله بها عليّ وأنعم بها على غيري من خلقه ، وهم قليل على أية حال.
- (3) -
في فلسفة اليونان وفي الفكر العربي من بعده ثوابت لنطية الفكر وقواعد التعامل مع الحياة ضمن الأطر المنطقية وأحيانا ضمن السياق العلمي المعروف في أوقات تلك الحضارات. وكان الأساس الأول للفكر الإنساني على مدى المساحات الزمنثة البعيدة هو البحث عن الحقيقة وأولى خطوات البحث عن الحقيقة هي معرفة الإنسان لنفسه فكانت الصرخة الأولى ( إعرف نفسك ) إشارة إلى البحث عن جواب السؤال الضخم في مشهد الحياة الكبير..
سأله المفكر اليوناني وسأله الفيلسوف العربي وسأله الذين جاؤا من بعدهم في توالي العصور وتواتر الزمان.
إعرف نفسك .. وكان السؤال ، وكانت البداية ، ولكن الجواب ما يزال بعيدا وما يزال الإنسان دائرا في دوامات من الحدس والتخمين والمحاجـّة بحثا عن الجواب حتى اليوم.
كان الفلك والبحث الروحاني وسيلتين أو طريقين للوصول إلى كشف غوامض الإنسان وكشف مجاهل نفسه بحثا عن السعادة وأملا في تخفيف المعاناة والصعوبات في طريق الحياة الأنسانية ولأني واحد من أولئك الباحثين عن الحقيقة والسائرين في مجاهل محاولات إكتشاف الإنسان فقد كانت لي وسائلي لإكتشاف الجواب أو في الحقيقة للإقتراب من الجواب.
كيف نفترب من الجواب ؟
كيف تشكـّل الفروق الفردية بين الناس ملامح الشخصية وحدودها ؟
هل ثمة دلالات وعلامات ترشدنا إلى معرفة الناس والتمييز بين هذا وذاك ضمن سمات الفروق الفردية ؟
من حلال البحوث الفلكية والبحوث الروحانية تهـيـّأت معرفة جوانب كثيرة من خفايا المستقبل ومعرفة ما ينتظرنا من سعادة أو شقاء ومن ظروف جيدة أو ظروف سيئة وعرفنا أن هناك دلائل تشير إلى كل ذلك .
ما هي تلك الدلائل ؟
ضمن الدراسات الفلكية والروحانية نجد اهتمام المختصين بأمور معينة للكشف ، أو بالأحرى ، لمحاولة الكشف عن المستقبل وتحديد معالم الطريق لكل واحد منـّا وقد وجدت بعد بحث مستمر في سمات تلك الدلالات أن من الممكن أن أقسـّمـها إلى ثلاثة أطـر محدودة:
فهناك أولا دلائل مخلوقة لا تزول من أصحابها إلاّ بالموت وهي الدلائل الجسدية المتمثلة بخطوط الكف.
وهناك الدلائل المصاحبة وهي المتمثلة بإسم الفرد ثانيا.
أما الدلائل الأخرى التي يتمثـّل بها الإطار الثالث فقد وضعتها في موقع واحد وسميتها الدلائل الإشارية وهي الأرقام وتاريخ الميلاد.
كل واحدة من تلك الدلائل تشير إلى معلم من معالم مصير صاحبها فخطوط الكف لا تزول إلا بموت صاحب الكف فهي خارطة حياة كاملة نعرف من خلالها العمر التقريبي لصاحبها ونتعرف على ما ينتظره في فترات معينة من حياته وتشير إلى حوادث وتغييرات في مستقبله البعيد أو القريب وإن كان محظوظا في زواج أو مال أو صحـة أو غير ذلك من أمور الحياة وتفاصيلها العامة.
واسم الفرد الذي سميته الدلائل المصاحبة يعطينا مؤشرات عامة تتعلق بصاحبه. قد يبدو أن صاحب الإسم لم يختره هو ولإنما اختاره له غيره فكيف يتحدد مصير إنسان بسبب شيئ ليس له علاقة باختياره ولا هو من صنعه؟
ويبدو الإعتراض منطقيا لأول وهلة ولكن سرعان ما بنهار متى علمنا أن كل المؤشرات التي صنـّفتها ليست من صنع صاحبها فهو لم يختر شكل خطوط كفه ولم يختر يوم ميلاده وليست له إرادة في تشكيل الأرفام أيضا. وهكذا فإن كل تلك المؤشرات إنما هي مؤشرات ثابتة سواء أكانت مخلوقة كخطوط الكف أو مصاحبة كالإسم أو إشارية كتاريخ الميلاد والأرقام التي ترتبط بكل من الإسم وتاريخ الميلاد.
ولأنني فلكي محترف ولي دراسات في كل زاوية من زوايا العلوم الفلكية والروحانية فإنني أفخر بما اكتشفت من وسائل تحليل خطوط الكف ودلائل الأسماء وارتباط الأرقام بها و بيوم الميلاد اشهر والسنة مما يعطيني صورة واضحة عن كل فرد ووضع خارطة مفصلة لحياته وما هو مرسوم له في طيات القدر اعتمادا على تلك الدلائل أولا وآخرا وليس رجما بالغيب أو إدعاء معرفته .
- (4) -
هكذا أحلم...
من ذبالة شمعة صغيرة إلى نور الفيض
لا أدري إن كان الألم بداية الطريق أم هو النهاية والمحطة الأخيرة لتحقيق الحلم ولكن الذي أدريه تماما أن الألم الشخصي والمعاناة الخاصة والإحساس بالحاجة إلى قوة أكبر من القوّة التي ندركها بحواسنا الخمس هي الخطوات الأولى في الطريق الطويلة والشاقة نحو تحقيق الحلم الإنساني بعالم عادل خال من الإستغلال ومن المرض ومن كل أنواع القسوة.
عانيت من الألم بأشكال متعددة ومررت بظروف عرفها القارئ وجال في ثناياها وأنا آمل أن يكون قد اقترب ، قليلا أو كثيرا ، من رؤية صورتي الحقيقية وعرف شخصيتي وأبعادها وأعطاني من حبّه ما أريده وما أسعى إليه.
من هذه المعاناة ومن عمق الوحشة القاتلة في عوالم المرض والقسوة والحرمان بدأت الصورة الرائعة لحلم شخصي عاش معي منذ خرجت من عالم الغضب والحيرة والضياع وبدأت مسيرة البحث عن الحقيقة التي وجدت خيوطها الأولى في الإنسان .
حلمي الذي بدأ يتسّع ويكبر هو أن تكون لدي الوسائل التي تعين المريض الذي لا يملك القدرة المادية على أن أوفّر له وسيلة العلاج مما يعانيه وكذلك المريض الذي لا يجد في بلده الوسائل الفنية أو اليد الخبيرة في اجتثاث مرضه..
حلم واسع سعة القلب الذي آمل أن يسع كل من أحبهم من أي مكان وأي جنس وأي دين أو معتقد ..
حلم أن أكون قادرا على شفاء كل أولئك الذين هم في أمسّ الحاجة إلى الشفاء.
فماذا أريد؟
أريد أن يكون لي مستشفى ليس كغيره من المستشفيات في أي مكان فالمستشفى مكان فيه كل شيء يريده الجراح الماهر ليده الذكية ومكان للأخصائي في هذا الحقل الطبي أو ذاك وهو مكان للتأهيل البدني والنفسي. . هو مكان يدخله المريض الذي كل أمله أن يخرج منه معافى وفي صحة وراحة..هوكذلك في صورة مصغرة أو كبيرة ، تبعا لأسباب كثيرة ، عالم مادي فكل الذي فيه آلات وأجهزة ومعدات لخدمة المريض وتسهيل أو تعجيل شفائه قدر ما يستطاع.
حلمي ليس هذا، او على الأدقّ ليس هذا وحده. فماذا أريد ؟ بماذا أحلم ؟
في زاوية من هذا المستشفى مكان ليس فيه أجهزة المراقبة الصحية ولا أجهزة قياس القلب وضغط الدم وفحص الرئة والكلية والكبد والمعدة وما في جسد الإنسان من أعضاء.
مكان ليس فيح جرّاح ولا أخصائي ولا ممرضات ولا أطباء ولا أسرّة ولا مختبرات.
مكان ليس فيه ضمادات جروح ولا جبر كسور ولا أخذ دم أو تزويد جسم به ولا أشياء قريبة من كل ذلك أو بعيدة.
مكان فيه وسائل الشفاء ليست كتلك الوسائل في الطرف الآخر من هذا الفضاء الواسع الذي أحلم به.
في الطرف الآخر ينتصب البناء الصحي الذي أحلم به بكل ما فيه من وسائل الشفاء المادية كما قلت أمّ في هذا الجزء الصغير فينتصب بناء صغير في مساحته ولكنه هائل ضخم ضخامة الأرض في قوّته وقدراته وطاقته.
هو معبدي الذي فيه شموعي وأوراقي وتعلو أو تهمس فيه طقوسي وتتردد بين الجدران الصامته كلماتي بكل عظمتها التي تنطلق إلى الملأ الأعلى حانية خاشعة بابتهال القلب الخاشع الصغير.
حلمي أن يأتي المريض إلى هذه الصومعة الصغيرة التي تشمخ بحجمها المادي الصغير وبسعتها الروحية الضخمة في زاوية قصيّة من هذا المستشفى الكبير ويشركني الدعاء والسير في طريق المحبة والصفاء نحو عالم الروح الذي يعجّل في شفائه ويسارع الزمن ويستعجله في عودته إلى عالم الصحة والسعادة.
حلمي أن تكون لي بقعة واسعة من الأرض لعلاج كل من يحتاج العلاج ويسعى إليه وفيه أكابر الأخصائيين وأوسعهم علما وتجربة ومعرفة في كل حقل من حقول الطب والجراحة والتأهيل والعلاج وفي زاوية من تلك الأرض الواسعة الرحبة يكون معبدي يدخله الساعون للشفاء أو لاستكماله عن طريق عالم الروح النقي الجميل.
حلمي أن يكون لي ذلك وحين تأزف ساعة رحيلي عن عالم الصخب والضجيج إلى عالم الملكوت الأعلى الرائع النقي الذي لا تحدّه حدود سأجدني في رحاب الفيض الروحي الذي لا يفنى ولا يتجدد ولكنه الأزل والأبد الذي لا زمان له وليس في الأبعاد بعد ولا حدود.
في هذه الصومعة التي عشت فيها جسدا أريد أن أكون فيها روحا لا تعرف إلاّ النقاء الأبدي.
أعيش في تلك الصومعة وإن متّ فهي لي مستودعي الأخير..
حلم كبير.. أليس كذلك؟ فكيف السبيل إلى تحقيقه؟
هذا العمل الجبّار محتاج إلى مال كثير ودعم ضخم كي لا يبقى أحد ممن هو في حاجة إلى العلاج من غير علاج. فمن أين لي المال وأنا رجل يؤمن بأن صرف ما في الجيب يعوّضه في غد ما في الغيب ؟؟
كيف لي أن أبني هذا المشروع الذي ليس له شبيه ولا مثيل في أية بقعة من بقاع الدنيا وأنا أصرف كلّ يوم كلّ ما أملك وأحيل مصروفات غد إلى ( بنك ) السماء يأتيني منها رزق يومي الجديد..؟
كيف؟
من هنا سأبدأ مسيرة الخير والبركة هذه وأجوب الأرض أقرأ الكف وأعين المحتاجين وما يأتيني من ثمن لقاء ما أقوم به سيكون في حساب هذا المشروع الضخم العظيم..
أدور أصقاع الأرض ولا أبالي احتمل جسمي الضعيف ذلك أم لم يحتمل فإن دعوتي كبيرة وإن مسعاي أكبر من أن يطويه النسيان أو تلعب به الريح وتأخذه كل مأخذ.
يقول لي كل الذين يعرفونني وأستمع إلى ما يقولون :
لن أقدر على هذا المشروع الضخم وحدي فهو ليس مشروعا فرديا..
وأقول لهم في كل مرّة:
من قال لكم إنني وحدي؟
إن معي قوة الروح وقوة الحق وقوة الإنسانية التي تحرّك الجبال..
معي قوة الإيمان بالخالق المطلق القادر على كلّ شيء والجامع كلّ شيء وإنّ من كانت معه هذه القوة فهو الأجدر بالبدء وبالسير على طريق الصواب.
الطيبون كثار والخير كثير وهم على مرمى البصر وإن كنت لا أراهم ومتى عرفوا ما أريد وما أسعى إليه مدّوا إلي يد العون وأشركوني في مسعاي فإن نيتي الخير و إسعاد الإنسان الذي فقد السعادة بسبب المرض ولم يجد ما يعينه على وسائل العلاج ولم يتوفر له ما يتوفر لغيره .
اليد الرحيمة التي تبسط بالخير والحب لا بدّ أن تبسط للخير الذي أريده ، ليس لنفسي ولكن لكل من كان محتاجا لهذا الخير.. وتلك نيتي.. أو ليست الأعمال بالنيات و إنّ لكل امرئ ما نوى ؟
حلمي هو هذا فإن سألتموني،أعزائي القراء: متى البدء ؟
فالجواب عندي و عندكم وعند كلّ الطيبين.. وصدّقوني أنّ الطيبين كثار ..
الفصل الخـامس
أنا وتوقعاتي
صـحـّت وتصح كاملة.. وفي بعضـهــا غموض .. لماذا ؟
حين استقر بي المقام في برلين الغربية- يوم كانت ألــمــانيا مـشـطـورة شطـرين – بدأ الناس يعرفونني ويعرفون أني الفلكي القادم من أرض السحر والعجائب ، أرض العراق وبدأت الصحف الألمانية تتحدث عن (الآلوسي) الذي يحل مشكلات القلب والنفس والمال .
كنت سعيدا بتلك الدعاية المجانية فقد كانت وسائل الإعلام هي التي تبحث عني وتطلب المزيد من معرفة أموري وكيف دخلت عالم الفلك وصاروا يسألونني عن توقعاتي عن برلين وعن ألمانيا وعن قضايا المال والضحايا العامة التي تهم الرأي العام.
وكانت بداية كل سنة جديدة مناسبة للتلفزيون الألماني ليسأل الفلكيين والعاملين في مجال التحليل الفلكي عن أهم قضية تشغل المواطن الألماني وتأخذ حيزا من تفكيره فهي قضية مصير أمة واحدة تمزقت. وكان أكثر ما يحزّ في قلوب الألمان الوضع اللاإنساني في برلين حيث أقيم جدار هائل يقسم المدينة العريقة إلى شطرين فتمزقت عاصمتهم التاريخية وتشتـت أسر كثيرة وتقطعت أواصرها فجزء من الأسرة يعيش تحت السيطرة الشيوعية في برلين الشرقية وأفراد منها ينعمون بالحرية والحياة الرغيدة في برلين الغربية التي كانت مقسمة تحت سيطرة الحلفاء الثلاثة الذين أسهموا في تحريرها من النازية : الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا.
كان الجدار كابوس المواطن الألماني وكم ذهب منهم ضحايا دفعوا حياتهم ثمنا غاليا للحرية حين كانوا يجازفون في تسلق الجدار من الجانب الشرقي وكان من النادر جدا أن ينجو من خوض التجربة القاتلة أحد.
كان الفلكيون الألمان وغيرهم من الفلكيين الأوربيين يباهون بصحة توقعاتهم وقد أجمعوا كلـّهـم على بقاء جدار الموت في برلين ولم يتوقع أحد من أولئك الفلكيين ، ناهيك عن المحللين السياسيين الكبار ، أن ينهار الجدار وتتوحد العاصمة الألمانية بل وتتوحد ألمانيا فتعود واحدة كما كانت. كان توحيد الألمانيتين ، في ظـن أولئك جميعا ، ضربا من المستحيل .
الفلكيون الكبار والسياسيون الكبار والمحللون الكبار اجمـعـوا على رأي واحد وأكّـدوا للشعب الألماني وللعالم بأسره أن عمر الشيوعية أزلي ، وأن برلين الشرقية سوف تبقى شرقية ، وأن الشطر الغربي سوف يبقى غربيا .. توحيد ألمانيا خرافة ولا أحد يقول غير ذلك ، غربيين كانوا أو شرقيين ، شيوعيين كانوا أو رأسماليين..
إلا أنا .. الفلكي الذي جاء أمس من بغداد إلى برلين قال لهم جميعا:
إنكم على خطـأ..
تحليلاتى الفلكية أكـدت للجـميع أن جدار برلين سوف ينهار قريبا، وأنّ ألمانيا الممـزّقــة سوف تتوحد قريبا ، وأن الشيوعيـة سوف تنهـار ما بين يوم وآخر..
قلت ذلك ونشرته وأذاعته محطات التلفزيون في كثير من الشك وعدم التصديق..
ووقعت المعجزة التي كانوا يرون أنها لن تقع .. وانهار جدار الموت البرليني وتوحدت ألمانيا .. وسقطت الشيوعية وانهارت كما تتساقط قطع الدومينو بشكل مذهل وسريع.
وكان ذلك عاملا كبيرا في أن يأتي الناس يستشيرونني ويسألونني حل مشكلاتهم فقد عرفوا أني أرى ما لم يره الفلكيون الآخرون وعرفوا أن بصيرتي تهديني إلى الصواب وأن تحليلاتي الفلكية وحساباتي هي وحدها الصحيحة والواقعية.
وهنا أذكر واحدا من توقع أراه أنا نفسي نادرا جدا.
جاءتني سيدة ألمانية تمـلـك دار أزياء كبرى في ألمانيا تطلب نصيحة في أمر علاقة عاطفية مضطربة بينها وبين واحد من كبار المحامين. كانت العلاقة بينهما متوترة إلى الحد الذي طلبت مني أن أساعدها على إنهاء تلك العلاقة وقالت لي إنها على استعداد لدفع أي مبلغ أطلبه..
وبدأت أقرأ خطوط كفهــا .. وتوقفت مندهشا من المشهد الذي تراءى لي .. سألتها عن يوم ميلادها ويوم ميلاد المحامي الكبير .. وتوقفت لحظة .. قلت لها:
وفـّـري عليك مالك فلن أقدّم لك أية نصيحة ولن أشير عليك في اتباع أية طريقة للتخلص من هذه العلاقة لأنها سوف تنقطع إلى الأبد خلال أربع وعشرين ساعة ولن تري الرجل بعد اليوم ولن تسمعي صوته وسوف تتألمين كثيرا وكثيرا جدا لذلك.. حين سألتني باستغراب : كيف ؟ ولم أستـطـع أن أجيبها فكل الذي رأيته في خطوط كفها وارتباط العلاقات بين ميلادها وميلاد عشيقها يشير إلى أن الأمر محسوم فورا.. ولـم أدر ِ أنا نفسي كيف سيـكــون ذلــك ولا الشكل الذي سوف يبتر العلاقة من جذورها وكل ما عرفته وتوصلت إليه هو إن الأمر بين العاشقين محسوم إلى الأبد.،
وعادت السيدة المشهورة إلى مدينتها في الليلة نفسها..
رنّ جرس هاتفي الخاص في الصباح الباكر و لم أسمع في الثواني الأولى غير شهقة بكاء .. ثم همسة موجعة تقول:
لقد مات.. قتله لصوص اقتحموا بيته الفخم وألقي القبض عليهم ومعهم المسروقات..
وحين فتحت المذياع سمعت الخبر المؤسف وعرفت أنني ، وبكل أسف ، كنت أشهد مصرع الرجل ونهايته من كـوّة تطـل عبر بصيرتي على المشهد الرهيب.
خطوط كف صاحبة دار الأزياء الشهيرة أرتـنـي المصير المحتوم ، وأظهــرت لي حساباتي أنهما سيفترقان إلى الأبد ..الآن وليس بعد أيام أو أسابيع.. لم أكن أعرف كيف ولم أدر الوسيلة ولم أعرف إن كانا سيفترقان فراق الموت أو غيره ولكن الذي خرجت منه بحساباتي أن العاشقين مفترقان .. فورا وإلى الأبد.
كنت أرى ببـصيــرتي ولم أكن لأرى ببصــري.
وأعلنت للناس أن الحرب الطاحنة بين العراق وإيران متوقفة خلال ثلاثة أشهر ولم يكن أحد ليصدق ذلك فقد كان خميني مصرا على استمرارها ولم يقنع بأية وساطة أو رأي سوى استمرار الحرب..
وتوقفت الحرب في الموعد الذي توقعته..
رأيت ذلك ببصيرتي ..
وانسحب الرئيس الأمريكي بل كلنتن من الترشيح ولكني توقعت بعد يوم واحد من انسحابه أن سيعود للترشيح وسيفوز بالرئاسة مرتين ..
افـخـر أني أول من قال إن ّ الصلح بين العرب وإسرائيل قريب جدا وكانت الدول العربية قد أدانت زيارة الرئيس الراحل أنور السادات لإسرائيل وكانت المقاطعة العربية للبضائع الإسرائيلية على أشدها ، والعداء مستحكم بين الطرفين حـد ّ الإقتتال..
فلت إن الصلح قائم بين العرب واليهود وإن الرئيس الراحل ياسر عرفات سوف يكون أول رئيس للسلطة الفلسطينية وإن الدولة الفلسطينية قائمة وعلى أرض فلسطين سوف يرتفع علم فلسطين المستقـلة الحــرّة..
وكتبت كل ذلك في رسائل رفعتها إلى القائد العربي الفلسطيني الرئيس ياسر عرفات ولم يهمل رحمة الله أية رسالة من رسائلي إليه.
توقعت وتحـقـق ما توقـعـتـه في زمن لم يكن ليخطر ببال أحد أن ما قلته سوف يكون حقيقة وأن ما أتوقعة واقـع لا محـالــة.
وتوقعت الكثيرغير ذلك ، وصح ذلك الكثـير..
ولكني قد أغـلـّف بعض توقعاتي بألفاظ غامضة أو أشير بإشارات بعيدة خوفـا على حياتي أو تحاشيا لمشكلات بيني وبين شخصيات ومسؤولين وحكـّام دول وقد حصل ذلك مرارا ولا أريد البوح بأمثلة على ذلك للأسباب التي قلتها ولكن القارئ الفطن والذين يتابعون توقعاتي يستطيعون معرفة تلك التوقعات بكل تـأكيد ولربما يحين وقت الإشارة إليها بصراحة وتسمية الأشياء بمسمـّياتها في الوقت المناسب الذي أرجو الله أن يكون قريبا.
ما قد يراه البعض من غموض في قسم من توقعاتي كان له أسبابه ، إذن ، ولم أكن مخطئــا في أي توقـّع ، وللحديث عن كل ذلك أوان وميقات .
الفصل السادس
عناصر في شخصيتي
الألم ...العاهة .. وسجن الجسد...
الأساس الأول لبناء الشخصية هو أن يعرف الإنسان نفسه ، وتلك هي المشكلة التي واجهت البشر وتواجههم في كل زمان وفي أي مكان.
كيف يعرف الإنسان نفسه ؟ تلك هي القضية بأكملها ، ولكن الحقيقة الأزلية تبقى في أن الفروق الفردية والتمايز بين الناس لا تأتي اعتباطا وليست منفلتة أو عشوائية وإنما تقع ضمن سياق منطقي من ناحية ونفسي من ناحية أخرى ومن هنا تشـكـّل الفروق الفردية عناصر في تكوين الشخصية.
ولعل الألم أوضح صورة للتمايز بين االأفراد. من ألألم ما يدفع الفرد إلى الهروب والتراجع فيتخـذ سلوكية إنهزامية وتتوالى الإحباطات بل وقد يصل الشعور بالألم إلى أن يتقوقع الشخص على نفسه ويبني جدارا سميكا بينه وبين الحياة السعيدة.
قد يدفع الشعور بالألم والإحساس به إلى حالة من التعقيد النفسي تؤدي إلى الفشل التام وتجهض أي طمـوح مهما كان بسيطا. الألم هنا معول تحطيم وهدم.
ومن الألم ما يكون دافعا للمقاومة وحافزا للحركة المستمرة والتقدم إلى أمام. وأنا من الناس الذين كان الألم حافزا يدفعني إلى مواصلة الكفاح ضد كل أنواع الإحباط وأشكاله وكنت كلما مرّت بي حالة من الألم زدت عنادا على مواصلة السير وكلما كان الألم شديدا وعنيفا جاء إصراري أشد قوة. من الألم انطلقت شرلرات تقدح زناد إصراري وتدفع بي نحو مزيد من البحث ومزيد من اكتشاف خفايا العلوم الفلكية والروحانية. الألم عندي حالة تجديد للطاقة وتغيير نحو الأحسن فكانت آلام السجن والإعتقال و الظلم والقهر والإضطهاد و المرض والإعياء الجسدي... عنصرا أساسا في تكوين شخصيتي وصقلها.
وبمقدار ما حدّد الألم شخصيتي وميـّزها كانت عاهتي الجسدية عنصرا آخر قويا من عناصر تكويني الشخصي والنفسي وربما كان تأثيرها متوازيا مع تأثير الألم لأنها كانت عاملا كبيرا من عوامل إستثارة الألم عندي فهي تسير في خطّ متواز مع خطّ الألم ومساره.
ولقد تدفع العاهة بصاحبها إلى اليأس والإنهزام من معركة الحياة تماما مثلما يدفع الألم إلى حالات الفشل والزهد بالحياة وفقدان الطموح كما أشرت.
العاهة التي تكون سببا في الفشل والإحباط قد تكون عاملا سلبيا في تكوين الشخصية في حين كانت العاهة عندي عنصر تحديات متواصلة وكلما عابها علـيّ الجاهلون من الناس زادت ثقتي بنفسي وزاد إصراري على أن لا أجعل من نفسي ( شيئا ) في سياق أشياء ولكن أن أكون متميزا واسما يعرفه الصغير والكبير ، من أبناء وطني ومن غيرهم في مشرق الشمس ومغربها.
كانت العاهة العامل الإيجابي الذي أعطى شخصيتي بعدا من أبعادها حين أخذت صيغتها الإيجابية بتـأثير إيجابي فـعـّال ولم تكن - كما هي عند بعض المصابين بها – عنصر تراجع وانكماش وخوف وبذلك اكتسبت شخصيتي وضعا متميزا حين تحولت عاهتي إلى صورة إيجابية محفـّزة وليست صورة سلبية محبطة.
كانت عاهتي سجنا وجدت فيه وسيلة فـعـّالة في تحقيق الطموح الذي أسعى نحوه فسافرت وارتحلت واتخذت لي وطنا غير الذي ولدت فيه وصنعت لنفسي موقعا غير الذي كان مفروضا علــيّ وخرجت إلى عالم مختلف عن العالم الذي كان يتـمـثّـل في البقاء في محيط ضيق يتمثل بالأسرة والمحلـّة والخوف من الإنطلاق خارج ذلك السور الذي يبنيه أصحاب العاهات لأنفسهم .
كنت رهين السجن الجسدي لكنب لم أقبع داخله وإنما انطلقت منه وأنا أحمل في داخلي كل مقوّمـات الحياة وتختصرها كلمة واحــدة : الحــريــة.
كنت حـرا في داخلي وإن أكن أسير سجن الجسد ومن الشعور بالألم انطلقت باحثا عن الحرية ومن أسوار سجن الجسد انطلقت هاتفا بالحرية.
تبلورت شخصيتي واتـّخذت طريقها وتميـّزت متقدّمــة الصفوف وهي راسخة الأساس ، ثابتة البنيان. وهذا هو الذي كنت أريده لأنه هو الذي كان مقـّدرا علــيّ أن أكــونه.
ساعدتني معاناتي وآلامي على مـذّ يد العون لكل من سحقه الألم سواء أكان ألما جسديا أو ألما نفسيا أو معاناة روحية. وكما وجدت في الألم وسيلة دفع إلى أمام ، رحت أ ضع تجربتي الشخصية مع الألم في خدمة كل من سحقه الألم وعـذّبته المعاناة محاولا دفعهم إلى أمام ومستخدما شعورهم بالألم قاعدة ينطلقون منها نحو السعادة والنظر إلى الحياة من نافذة إيجابية مفتوحة على العالم الرحب السعيد.
وكما خلقت من عاهتي وسيلة بناء واتخذت منها عاملا إيجابيا لدفعي إلى أمام وتحقيق طموحي ، فقد كنت أساعد أصحاب العاهات على التعامل مع العاهة تعاملا إيجابيا وإتخاذها معولا يهدمون به الحواجز و يهدمون الأسوار النفسية التي تمنعهم من الخروج إلى عالم الشمس وفضاءات الحرية وبدلا من أعتبار العاهة حجر عثرة دون التقدم حاولت ، ونجحت في كل محاولاتي ، فكّ الحصار الجسدي المضروب حول اصحاب العاهات الذين يستشيرونني.
كان سجن الجسد عندي عاملا في تحريري من الخوف الداخلي وكان زخما عنيفا للثبات والإصرار على تحقيق ما أريد ولم تمنعني حواجز العاهة من إتخاذ موقف المهاجم كلما واجهت صعوبة أو طوقتني مشكلة ولم أتعامل مع الحياة من موقع الدفاع والإقتناع بما هو حاصل وما أنا عليه ولكنـي كنت أهاجم المشكلة وأصارعها لكي أتغلب عليها فالألم والعاهة ، كما قلت ، عنصران في تركيب شخصيتي وعنصران من عناصر تكوينها وما دام الأمر معي كذلك فقد وضعت تجربتي ، أو بالأحرى تجاربي ، في خدمة الناس ونجحت في إدخال السعادة إلى قلوب كاد الإحساس بالألم يسحقها وإلى نفوس كادت العاهة تأخذها إلى أغوار المجهول..
الألم صانع معجزات ويد تبني وكنت الرجل الذي صنع منه الألم عالما فلكيا وشخصا متميزا وإنسانا آمن بقيمة الإنسان.
والألم ، عند كثيرين ، عامل قهر وآلـة سحق ويد تهدم وهؤلاء هم الذي كنت أساعدهم على التغلب على نتائجه السلبية ونقلهم من حالة الإحباط والشعور بالسحق إلى آفاق السعادة والحياة الإيجابية.